وأحكي لكم عن بعض الإخوة وقد كان رجلاً فاضلاً ومربياً وأستاذاً جامعياً، وكان فيه إعجاباً بـ
شيخ الإسلام مع أنه كان لا يعلم كلامه ولا قرأ كتبه، بل كان على عقيدة أخرى، ثم عرف العقيدة الصحيحة فأخذ يقرأ لـ
شيخ الإسلام بشغف ونهم وحب وإقبال، فلما ظهرت الحداثة قال: حتى الحداثة قد رد عليها
شيخ الإسلام، وفعلاً له كلام حول هذا الموضوع، وقد قلت لمن سألني عن هذا: إنه صحيح، وهو موجود في الموضوع الفلاني عندما تكلم عن اللغة والاستدلال بها والاشتراك اللفظي، وغرض الباطنيين في اللغة والمتكلمين هو نفس مقصد الحداثيين، حتى البدع التي قد تتخيلون أنها بعيدة العلاقة بالعقيدة ولكنك تجد من كلام
شيخ الإسلام -بإذن الله- ما يعينك على ردها بالإجمال أو بالتفصيل؛ لأنه رحمه الله كانت له عقلية كبرى ولو ضاق أفقه عن سماع الرأي المخالف، وأخذ يتهجم ويفترض سوء النية ويبدع كل من خالفه لمجرد أنه خالفه ما كانت له هذا المنزلة. فلا تنسوا العدل الذي أمر الله به عند مناقشة أي قول تعرضونه، فعندما تقرأ فإنه يجب أن توسع أفقك حتى مع
النصارى فضلاً عن أهل البدع، فلو أنك تريد أن ترد على
النصارى في قولهم بالأقانيم الثلاثة، وأخذت قول طائفة منهم وتركت الطوائف الأخرى التي لها رأي في هذا الباب، ألا تتوقع أن يعترضوا عليك، وأن يكتب كاتب منهم ويقول: لقد رددت علينا مع أننا في الفرقة الفلانية لنا رأي آخر؟ كما لو جاء من يتهجم على الإسلام ويصفهم بأنهم قوم همج، ويقول: إني رأيتهم في
الكويت وفي
البحرين وفي بعض مناطق من
السعودية في يوم عاشوراء يأخذون الخناجر والسكاكين ويضربون أنفسهم حتى ينزل الدم، ويحملون جنازة ويقولون هذه جنازة
الحسين، وهذا غير لائق، فحينها ببساطة ترد عليه بأن هذا دين
الشيعة وكلامهم، وليس كلام
أهل السنة ، وكذلك عندما تتكلم عن رأي
للكاثوليك فتوقع أن يقول
البروتستانت : هذا كلام
الكاثوليك، ونحن نكفر بابا
روما ومن معه ولا نؤمن به، فإذا كنت تجادل فجادلنا فيما نؤمن به، فالذي يريد أن يتصدر لمنازلة الأعداء فلابد أن يكون مؤهلاً، والتأهيل ليس صعباً لكن من شروطه أن يكون الإنسان على درجة من الإنصاف والإقناع.